ليس الغنى عن كثرة العَـرَض ، ولكن الغِـنى غنى النفس

من طرف admin الإثنين يونيو 14, 2010 9:25 pm

ليس الغنى عن كثرة العَـرَض ، ولكن الغِـنى غنى النفس 278808172

قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم : (( ليس الغنى عن كثرة العَـرَض ، ولكن الغِـنى
غنى النفس ))

ليس الغنى عن كثرة العَـرَض ، ولكن الغِـنى غنى النفس 261948134

الشرح : -

هذا الحديث أصل فى الكشف عن علاقة الإنسان بالدنيا ، ومقياس نقيس
به مدى ارتباطه بما ينال فيها من مال وجاه وقوة وغيرها من مظاهر الغنى التى
يتنافس الناس فى الحصول عليها . ولا جدال فى أن كدح العامل وسعى التاجر
ونصب الزارع ، وكدُّ الموظف ماهى إلا شِـباك تهدف إلى كسب الفنى بشتى
مظاهره وأشكاله .
كل من فى الوجود يطلب صيدا غير أن الشِــباك مختلفات

وكل فرد من أفراد المجتمع يقيسه مجتمعه - منذ أن نشأت هذه المجتمعات حتى
الآن - بقدر ماجمع من مال ، فإن زاد وكثر علت منزلته ، وإن قل ونزر انحطت
مكانته . ولما كان هذا المقياس لا يتفق مع تعاليم الشريعة . صَــدَر توجيه
نبوى كريم يهدى هذا المقياس الفاسد ، ويقوم ذلك الإتجاه المعوج ، ويضع
مقياسا جديدا يتناس مع تعاليم الشريعة الإسلامية فكان هذا الحديث الذى رواه
أبو هريرة رضى الله عنه ، وكان حوارا دار بين النبى صلى الله عليه وسلم
وبين أبى ذر عندما سأله الرسول صلى الله عليه وسلم قائلا : يا أبا ذر ،
أترى كثرة المال هو الغنى ؟ قال أبو ذر : فقلت : نعم . وترى قلة المال هو
الفقر ؟ قل : نعم يارسول الله . قال : (( إنما الغنى غنى القلب ، والفقر
فقر القلب )) .

فى هذا الحوار نجد النبى صلى الله عليه وسلم يسأل وأبا ذر يجيب بما يعرفه
من قيم مجتمعه لكن النبى لا يقره على ماذهب إليه بل يقدم له ولكل الأمة
المقياس السليم ، إذ لا يصح أن نلتمس الغنى فى كثرة المال والجاه والسلطان
وغيرها من المظاهر المادية التى يتكالب عليها الناس إنما يجب أن نلتمس
الغنى فى أنفسنا وقلوبنا ، فبمقدار مافيها من سماحة وقناعة ورضا تكون
منزلتها وإن قلت الماديات لديها ، وإن اقفرت من ذلك انحطت مكانتها وإن كثر
ماتملكه ، لأن المادة ليست هدفا لذاتها بل هى وسيلة لإسعاد المجتمع وسد
حاجاته ، فالغنى غنى النفس مَــلك صاحبها المال لو خلت منه يداه فإن كثر
كان به سخيا ولأمته ولأهله عونا ، وإن لن يتيسر له كان صابرا متجملا يحسبه
الجاهل أغنياء من التعفف وإنما يحصل غنى النفس بغنى القلب بأن يلجأ إلى ربه
فى جميع أموره ، ويعتز به وحده ، فيتحقق أنه المعطى المانع ، فيرضى بما
قضى ، ويشكره على نعمائه ويفزع إليه فى كشف الضر فينشأ عن افتقار القلب
لربه غنى نفسه عن غير ربه تعالى فاللهم اجعل غنانا فى أنفسنا ، ولا تجعل
الدنيا أكبر همنا ولا مبلغ علمنا ولا إلى النار مصيرنا .